يبدو أنّ ملف
التشغيل ما بعد الثورة قد تأزم بقوة في الأشهر الأخيرة ،فتظاهر العاطلين عن
العمل و احتجاجهم جعل الطلبة أيضا يفكرون في مستقبلهم المهنيّ و يسارعون إلى
المطالبة بحقوقهم المستقبلية و يدافعون بشدّة عن خريجي معاهدهم و كلياتهم في ظرف
سياسي قاس تعيشه البلاد التونسية منذ اعتلاء حكومة "الترويكا" للحكم .
إذ سبق و أن أضرب
طلبة المعهد العالي للتوثيق حول مسألة حقّ الطالب المتخصص في التوثيق و المكتبات و
الأرشيف في الشغل بعيد التخرّج من الجامعة و قد استمرّ هذا الإضراب الذي حفته
مطالب ثانوية أخرى لمدّة أسبوع لم يتوصّل فيه ممثلوا نقابة الأساتذة بالمعهد و
ممثلون عن الإدارة و الطلبة إلى اتفاق إلا في 18 نوفمبر 2011 ، اتفاق ثلاثي
كان عماده الأساسي "تطمينات" من قبل ممثلي النقابة بأنّ الوزارات الكبرى
في البلاد و غيرها من المؤسسات المختصّة في مجال التوثيق ستثبّت إمكانيات حصول
الطلبة بمرحلة الماجستير و غيرهم من المتخرجين من المعهد العالي للتوثيق على عمل
يضمن لهم مستقبلهم لتعود الدروس يوم
الاثنين 20 نوفمير 2011 .
غير أنّ الأوضاع
ما بعد انتخابات 23 من أكتوبر قد غيّرت
عددا من مشاريع الحكومة السابقة التي منحت الوعود بالتشغيل و أسندت المنح للعاطلين
عن العمل ليشهد العاطلون عن العمل من أصحاب الشهادات العليا و من بينهم خريجو
المعهد العالي للتوثيق تحويرات كبيرة مع صعود حكومة الترويكا "إلى الحكم ، إذ
توقف العمل بإسناد المنح إلى العاطلين عن العمل و تأزّم ملف التشغيل أكثر فأكثر
ليخلق وابلا من الأسئلة و الإضرابات و الاحتجاجات لعلّ من أبرزها هذه الأيام
احتجاج طلبة و أساتذة المعهد العالي للتوثيق يوم 17 أفريل 2012 أمام وزارة
التربية التي انتدبت 600 من أصحاب الشهادات العليا الناجحين في مناظرة"
الكاباس "كمشرفين على المكتبات و الأرشيف في المؤسسات التربوية التابعة
للوزارة من اختصاصات مغايرة لاختصاص التوثيق و المكتبات الذي يشرف المعهد العالي
للتوثيق من جامعة منوبة على تكوين كفاءات علمية في الاختصاص.
هذه الانتدابات
المفاجئة التي اعتبرها الأساتذة و الطلبة بالمعهد العالي للتوثيق مظلمة حقيقية و
اجحافا صارخا في حقّ اصحاب اختصاص التوثيق
و المكتبات دفعت بهؤلاء إلى التنديد بهذه القرارات الغريبة من قبل مؤسسات الدولة و
التي لا تعبّر إلا عن نوع من الحلول الترقيعية التي لا تخدم مصلحة العاطلين عن
العمل بل تؤلب بعضهم على بعض باعتبار أنّ أصحاب الاختصاص يعوضون بأصحاب اختصاصات
أخرى .
الوقفة الاحتجاجية
الأولى أمام الوزارة كانت شكلا من أشكال النضال التي نصّ عليها بيان صادر عن
الأساتذة و الطلبة المحتجين من المعهد العالي للتوثيق إذ ندد هؤلاء في بيانهم
بقرار الانتداب من قبل وزارة التربية مؤكدين على أنّ الوقفات الاحتجاجية ستتتالى و
تتكرر في جميع جهات الجمهورية أمام مقرات الإدارات الجهوية للتعليم إضافة إلى
كتابة رسالة إلى أعضاء المجلس التأسيسي لطرح قضيتهم على أعلى سلطة شعبية في البلاد
ما بعد الثورة كما أمضىّ الأساتذة عريضة و أكدّوا على عزمهم رفع قضية لدى المحكمة الإدارية
في الغرض.
ردّة فعل طبيعية
تأتي عقب تخبط ملحوظ للوزارات بحثا عن حلول لملف تشغيل الشباب العاطل عن العمل و
الحامل للشهادات العليا فبينما تلوذ هذه المؤسسات و من خلفها الحكومة إلى إيجاد
حلول بديلة لمنحة 200 دينار المسندة من قبل الحكومة الانتقالية السابقة التي تم توقيف العمل بها يذهب العاطلون عن العمل
في اختصاص التوثيق و غيره من الاختصاصات إلى الضغط أكثر فأكثر على هذه المؤسسات بإتباع
كافة السبل السلمية و القانونية في آن
للدفاع عن حقوقهم التي يقول الكثيرون أنّها "لن تضيع هباء".
سمية بالرجب
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire