هي رسالة مفتوحة
إلى من طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد
و هل لي أن أتقوّل
عليهم ما ليس فيهم ؟
و هل لي أن أسوق
المعاني جزافا أو أدرّ وصفا في غير موضع أو كلام تفقره المرامي و تنقصه الحجج ..
سيداتي سادتي بدأ العرض البهلواني لفسادكم منذ مدّة و كنّا رعاعا صامتين و كنّا
بقابا لأحلام يردّدها الحنين لتلك الشعارات المليئة بالأمل
نعم نحن شعب فقير
.. و زدنا بما أنتم عليه اليوم فقرا على فقر .. الآن ينكشف الصميم .. نحن نعيش
مأساة حقد و انتقام .. نعيش مأساة جهل و حطام .. نعيش مشاكلكم النفسية و حمق
السياسة ..
نحن شعب فقير
لكنّه رغم الفقر لا ينقصه الذكاء .. ربما تنقصه الارادة و بعض الكبرياء
نحن شعب فقير غمس
أصابعه في زرقة أوهامكم و انبرى يصعد سحابا من الأمل سرعان ما انقشع تاركا وراءه
الكثير من القحط .. قحط الفكر و الارادة يقتلنا .. يعوزنا وجه حريتنا نمارسها
كيفما اتفق و كيفما كان حتى لا يقال أنّنا نعود إلى زمن الصمت و الخمول و نحن
نراوده و نشتاقه ..
نحن شعب تعوّد
صمته و حتى في زمن الدّماء تكبّد أوزار صمته و مازال .. نحن عشنا على أمل ربّما لن
يعود .. اليأس حجتنا اليوم .. اليأس لغتنا .. اليأس هويتنا , ربّما في تفاؤلكم
بمستقبلنا اليوم ما يهدّ التفاؤل فينا و نحن نشاهد أحلامنا تتهاوى على شاشات
التلفاز وسط بغبغتكم الساذجة و انتباهنا الأعمى لما تقولون و تفعلون ..
سلبيتنا تهدّنا من
الأركان و استبلاهكم لنا يجتث جذورا راسخة فينا .. تاريخنا, مجدنا , جمال نسائنا,
براءة أطفالنا , أمننا, خبزنا, قمحنا, ملحنا, حتى الشعور الباطنيّ بأنّ هذا الوطن
سيّدنا و من ترابه نستمّد كيانا خالصا لنا بات شيئا من مطالبنا نزفه إليكم في
حالات ضعفنا المميتة كي نكتب على صدورنا و فوق ورقنا و على أوجاعنا .. هذا الوطن
ملكنا .. ملك للجميع ..
سادتي .. أو هكذا
تعودنا في هذا الوطن أن نقدّم بيعتنا تحت أسوار قلاع حقدكم الشامحة .. نحن لسنا
عبيدا لمخططات الحكومات ما وراء المحيطات .. نحن شعب حرّ تعوّد أن يستقبل قوس قزح
في كلّ تعبيراته البشرية و حضاراته الانسانية و أن يمدّ طوق النجاة للهاربين من
ظلم الملوك و الاباطرة .. لكنكم عودتمونا على الحريق .. اشتعلت أجسادنا و رقصت
حتّى في ظلّ حكمكم الرشيد ..
محم شعب لم تهزمه
القرون الخرفة فكيف تهزمه السنوات العجاف في ظلّكم .. هل يعقل أن يموت الجمر
القديم تحت أدرانكم و أنتم ما أنتم من أصحاب المال الكثيف و الرأي الرهيف و الخوف
العميق من هبة واحدة من هباتنا رياحنا العاتية ..؟
أيعقل أن نستمدّ
من خوفكم الباطنيّ و عقدكم محاوفنا ؟ أيعقل أن نلتمس لأنفسنا شيئا من الأمن و قد
منحناكم إياخ في لحظة حاسمة ؟ أيعقل أن تموت أحلام أبنائنا و أجيال تجيء من بعدنا
في خصمّ تهافتكم الارعن على الكراسي و الحقائب و المناصب و المزابل ..
أرانا ايتاما في
عهدكم لا يدّ تربت على كتف المظلوم فينا.. لا بصيص أمل يحيي بهجة شبابنا تحت ركام
همومه الدائمة .. لا شيء يرفع من قدر محتاج شكى فبكى فدخل السياسة القذرة من أوسع
أبوابها أو هوى كورق الخريف من عليّ ..
نحن شعب فقير ..
لا نملك سوى الدعاء, و حتى الدعاء بات جكرا على مصنّيعه و مالكيه و منتجيه من عبدة
البترودولار.. لا بدّ أن تقدّم مطلبا في مشيخة من وزارات الجمود حتى تقبل الدّعوة
أو تنقل في صندوق بريديّ .. و الله ينظر إلينا بعين الرحمة إذ نزدريكم و ما تفعلون
..
هل نحن مرتزقة ؟
يصرخ الشعب المدّمر من أناه .. عمقه المشدود بين الآه و الآه يزلزل الأرض تحت
أقدام من عبروا منكم و ينادي " عودوا يا أبناء هذه الأرض متسع لكم لا تهملوه
.. لا تموتوا على أرض أخرى هي ملك لأهليها .. لا تموتوا و أنتم تحلمون بحور عين
نصفها سمكة .. لا تموتوا ابنوا معنا وطنا يغوص اليوم في جراحاته و يبكي ..
نحن شعب فقير ..
لكنّنا على فقرنا و على وهن العظم منّا مازلنا نحلم بأن نكون أوّل من يدخل التاريخ
من أبوابه الكبرى رغم علمنا أنّكم يتأخذون كثيرا من وقتنا و ستقتطعون كثيرا من
خبزنا و ستمحون كثيرا من آمالنا و ملامحنا , لكنّكم حتما ستساقون إلى مكان يليق
بكم حيث لا أمل في عودتكم إلى وطن شامخ ، نصف صبره أو يزيد امرأة حاربت جميع أنواع
التكلف بتمرّد لبؤة أبيّة..
نحن شعب فقير
سادتي .. و حتى هذه الكلمة هي بعض ما لا أستهي أن أقوله .. رغم علمي أنّكم لن
ترفعوا سقف الحريّة المتداعي إلى السقوط على رؤوسنا لأنّه في وطن كهذا الوطن يموت
الأباة و تغتال الأسود و يعيث الخونة فسادا في مناكبه و ترقص الكلاب على جثث
الصامدين.
سمية بالرجب
25/03/2013
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire