احرق محمد البوعزيزي نفسه و لكنه لو أدرك أن انتحاره اي ا لملاذ الأخير الذي وجده البوعزيزي ليبتعد عن عالم اثخنه الظلم سيكون شرارة التغيير في تونس لأحرق نفسه منذ زمن بعيد ..
احرق البوعزيزي نفسه لكنه لم يعلم حينها ان آلافا يعانون معاناته و ان آلافا في سنه كانوا ينتحرون بذات آلامه كل يوم تنحر المظلمة فيهم إحساسهم بتفتح ذواتهم ورودا تبحث عن شمس و ماء ..
الآن ينكشف الصميم و تسقط الأقنعة عن كل من حاولوا ان يقمعوا صوت الشباب في تونس ..لا أجد تعبيرا أجمل من التعيير التالي : ثورة الشباب التونسي في السنة الدولية للشباب " فاقت هذه الثورة كل التصورات لقد أدرك بن علي سنة 2007 ان عليه ان يحتوي هذه الثورة قبل حدوثها لأنه أيقن ان الشباب الذي يعرف عنه الطموح و الانطلاق و حب المغامرة لا بد له من البحث غصبا دون رضا عن فضاءات يفجر فيها طاقاته و لعل العمل و مواطن الشغل كانت اهم المجالات التي كان الشباب التونسي يبحث عنها كمجالات حيوية لتطبيق ما تعلموه في الكليات و المعاهد العليا
لا احد كان ينتظر هذه الثورة .. انطلقت المقترحات لاحتواء احتمال حدوث ثورة في صفوف الشباب فباتت المسالة اشبه بمرض عضال يشل الحركة السياسية في البلاد و لكن فكرة "الحوار مع الشباب" اي تلك التي حملت عددا من الشعارات من بينها " الشباب هو الحل و ليس المشكل" سنة 2008 فكرة معقولة الى حد بعيد و مقنعة و ان لم يكن في جراب هذا البرنامج ما يثلج الصدر حسب معاينتي الشخصية لبعض الاجتماعات التي قدمت حتى ان مسؤولا سياسيا حينها قال لنا بالحرف الواحد : " علمناكم و وحلنا فيكم "
انتجت الدولة التونسية عددا هائلا من اصحاب الشهادات العليا لكنها لم تجد في ظل ما تعرضت له اموال البلاد من سرقات و استيلاء على اموال الشعب من قبل العائلة الحاكمة او لنقل اصهار الرئيس و اقرباء الرئيس متنفسا كي تسمح لهؤلاء الشباب بمتابعة المسار الطبيعي للتكوين فهمشوا و نزلوا الى مراتب متدنية في المجال التطبيقي و منهم من عاش فترة مريرة من الاكتئاب و منهم من حطت به الظروف الى العمل في مجالات لا يعمل فيها عادة الا من لم يحالفه الحظ باتمام دراسته الثانوية او ذاك الامي الذيي لم يتسنى له الجلوس على مقاعد الدراسة و من المهن ما لذ و طاب فمن حداد الى بائع للملابس المستعملة الى بائع للوجبات السريعة الى نادل في احدى المقاهي ...الخ
كنت انظر في ما مضى إلى موضوع المهن الحرة او البسيطة على انها إهانة غير مباشرة لكل حامل شهادة عليا خاصة اولئك الذين انفقوا سنوات طوال منكبين على دروس يشتعل منها الراس شيبا و لكنني كنت اراها حلا وقتيا في نفس الوقت لمسالة الخبز
و هنا اصل الى مسالة "الخبز" لاقول بان الحياة في تونس في ظل تقهقر متسارع للمردود الشهري للموظف و الارتفاع المرعب لاسعار المواد الغذائية باتت اشبه بالجحيم الذي لا رحمة فيه
اما سنة 2010 فكانت مربط الفرس فبعد سنتين من فشل استراتيجية الحوار مع الشباب مضمونا و نجاحها شكلا كما هو الحال بالنسبة لكل استراتيجيات الدولة التونسية التي اصر القائمون عليها على خلق ما يعرف بمصطلح "تلميع الصورة" باتت مسالة الاحتواء الفعلي غاية قصوى و اصل بهذا الى عملية تنويم مغناطيسي جديد هي و لا ريب "السنة الدولية للشباب" و لا انسى اضفاء مزيد من الشرعية على حكم بن علي بقبول مبادرته باختيار سنة 2010-2011 سنة دولية للشباب .
الحقيقة ان هذه السنة التظاهرة كانت ناجحة في بضعة جزئيات شملت نخبة من الشباب التونسي المبدع وصاحب الملكات المختلفة لكنها حتما لم تكن نهون من مشاكل الشباب التونسي ككل و لم تكن تحل مشكلة البطالة و لا تزيل شبح الاكتئاب و النفور و الفتور في نفوس كثير منهم بل انها لم تكن لتقضي على آثار الغضب في نفوس هذا الشباب التونسي المحبط
اعتقد ان احتواء ازمة الشباب لم يكن ناجحا البتة فهو كان فاشلا منذ البدء بعدد السرقات المرتكبة و عدد الضغوط المالية القائمة و التي اثقلت كاهل المواطن العادي فما بالك بذاك الفقير و المعدم
لقد اسقط الشباب "بن علي" في السنة الدولية للشباب و ذلك تعبيرا منهم عن امتنانهم له و مباركة منهم لهذه الفكرة النيرة التي اوصلتهم الى سقف الملل و الضجر الامر الذي حدا بهؤلاء الشباب الى تخطي حصون التلاعب لبن علي " و الانفجار ثورة غضب في وجه
الظلم و الاستبلاه الذي سلط عليهم و كان سيسلط مضاعفا على اجيال من الشباب يقع تجميده قصرا دون رضاء .
سمية بالرجب
23 جانفي 2011
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire