النقاشات المطولة كانت ديدن الكلية الجديد.
تجمعات الطلبة حول اساتذتهم كانت اشبه بالمتنفس المضني ..سلوى لنفاذ صبرهم فبعد امضاء الليل في المراجعة تشرق الشمس على
الكلية المرتبكة ليلغى الامتحان و يتقطع نسق اجتياز الاختبارات و تعلو الصرخات و
يشتد العنف المادي و المعنوي و الرمزي في الساحات ..
فلدفاعها مثلا عن
المسالة البيداغوجية تلاحق أستاذة بقسم العربية من قبل طلبتها من المنتقبات في بهو
الكلية واصفين اياها بالعهر و الفجور و
أخرى تدرس مادة "الحضارة" يشتد
بها الحنق في الهاتف مخاطبة احدى الصحفيين :" هل طلبت اذني
لتصورني " .و أستاذ آخر في مادة الفرنسية يوصف بالزندقة و الفسق و الانتماء
الى دولة اجنبية ، أستاذ آخر في مادة التاريخ يكفر في الساحة على مرأى و مسمع من طلبته و أساتذة آخرون يهبون الى قاعة الاجتماعات لعقد
جلسة طارئة للمجلس العلمي لتدارس الوضع
المهين وسط تعنت السلفيين الغرباء في
الخروج من الكلية .
سجال الغرباء مع
العميد لم يلزم حدود الاساتذة فتفجر كسد تصدعت جدرانه بعد يومين من تعطل مسار
الامتحانات ليطفو اتحاد طلبة تونس هذه
المرة على سطح الموجة الغاضبة تحت ضغوط اللغة القادحة في قوى اليسار لتسيس الكلية و يتحول النقاب الى شبه قضية سياسية و عدوا
للطالب ..
يقول أحد الملتحين
:" هي انتقبت.. حان الوقت لتحترموا حريتها الشخصية و قناعاتها الدينية.. لم
تكفر بل طلبت العلم تحت نقابها يا ايتام بن علي ،و يا عملاء فرنسا "، يرد آخر
:" نريد مصلى في الجامعة ..نريد أن نقيم الصلاة فهي كتاب علينا" و يشتد
الغضب بآخر :" الاختلاط حرام ..لا بد من فصل الذكور عن الاناث داخل قاعات
الدرس تطبيقا للشريعة الإسلامية". و بعد التراشق و السباب تدوي كلمة
"الله أكبر " لتهز ساحات الكلية و تنتفض لها فرائص المركب الجامعي
بأكمله و تكتب أستاذة في احدى الصحف الالكترونية :" لم تكن القضية مرتبطة بحقّ
المنقّبات في إجراء الامتحانات فقد حضرت هؤلاء وعددهن لا يتجاوز أربع فتيات، منذ
انطلاق السنة الجامعية وقَبلن بضوابط القانون الداخلي الذي سنه المجلس العلمي يوم
2 نوفمبر المنقضي : الجواز لهن بدخول الكلية والساحة والمكتبة بالنقاب دون أن
يعترض سبيلهن أحد والالتزام بكشف الوجه عند تلقّي الدروس ضمانا لشروط التواصل
البيداغوجي ومساهمة منهن في توفير الأمن داخل الحرم الجامعي في فترة حرجة تمرّ بها
البلاد".
اختلط الحابل بالنابل ..لم تعد
الفكرة الأولى ذاتها.. فتلونت و تشكلت و تعثرت امتحانات الطلبة بأذيال المنتقبات
.. و تشبث الأساتذة بموقفهم لخلو قضيتهم من معاني السياسة إذ يؤكد لك اغلبهم أن
القضية تعليمية بيداغوجية و أن لا دخل للسياسة أو المسالة العقائدية فيها ، يقول أحد الأساتذة مخاطبا جمعا من طلبته في
ساحة الكلية و في صوته رعشة : "
كأنني أعاود تاريخا قديما عشته عندما كنت طالبا و كانت الكلية فضاء للتجاذبات
السياسية و الصدامات الفكرية العنيفة بين التيارات المختلفة ".
سمية بالرجب
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire