mercredi 28 mars 2012

ما أجمل العلم حين تحضنه امرأة ..



خولة الرشيدي ..
                           مريان التونسية



كشمس تطلّ .. كقمر لم يكتمل  .. كنجمة تشّع في ظلمة الحقيقة .. ترتقي صاحبة الوجه البريء الحائط كعريشة .. كنبتة متمرّدة تشقّ الحجر فتنير خطواتها سطح البناية الباكية .. هناك حيث يقف الظلام مهللا و مكبّرا .. هناك حيث تأتي الأصوات خافتة فمتعالية , هناك حيث فحولة رجل بساعدين قويين تؤسس لمهزلة تاريخية ..هناك حيث التقت راية نعشقها براية لم نتعود رؤيتها فوق المباني و نصب العيون ..خفت صوت الأوّلى  و رفرفت الثانية بما خّطّ على سوادها ألقا..  لتجيء ''خولة الرشيدي'' كمريان ذاك الزمان و بيدها المرتعشة و جسمها النحيل تحاول أن ترتقي صخور الأمل علّها تذود بشجاعة عفويّة عن سقوط الوطن .. علّها تعيد إلى حمرة الخجل الذّي ملأ الوجوه تحت قدميها نجمة و هلالا ..
اندفعت خولة لتمزّق الصمت و تهوي كورقة صفراء من أعلى المشهد .. الظلام كان كثيفا لكنّها كانت كشمعة يائسة الضوء تسترق في لحظة الحزن و الحنق توقيتها المناسب.. و بعزيمة أنثى غاضبة تمدّ مريان التونسية يدها إلى الشاب الملتحف بالسواد علّه يفهم أن لا ضير بين عناق الرايتين بل أنّ الضير في افتراقهما و كلاهما رمز لنخوته ..
يتيبّس المعنى الحماسي في ذهن الفتى فيطرح الطالبة الشجاعة أرضا دون شفقة و يمدّ يده إلى العصا و فكرة جهنمية حاقدة تهزّه.. تتشكلّ الشخصيات القديمة كلّها في نهوض الفتاة .. فكعليسة قرطاج  تعاود خولة الرحلة إلى مرفأ آمن ..و ككاهنة البربرية تتمرّد خولة على واقع أسود .. تعاود النهوض فيعلو الصراخ .. هناك كان العلم في تمازج لونيه الاحمر و الابيض باكيا من الفرح ..
هي فقط طالبة اللّغة الفرنسية بكلية الآداب بمنوبة  تحطّم الصمت الآسر لتقول لشعبها بنبرة عتيدة " أنا تونسية ,و لن أسمح بتدنيس العلم" ..  
تحمي الفتاة علمها و رمز تضحيات الشهداء من شباب الثورة ضدّ الفساد و شهداء الاستعمار الغاشم  لتهبّ كنجمته و هلاله عروبة و اسلاما و تودّع اللحظات السود باكية فستقبلها ساحات التكريم و التهليل في يومها ..اليوم العالميّ للمرأة.. بل للوطن التونسيّ ..  ففي حين تنام النساء في وطني و تستيقظن على صدى كوابيسهن و مخاوفهنّ المستقبلية من تلعثم حقوقهنّ في فوضى البحث عن الهوية و تطبيق الشريعة الاسلامية تأتي امرأة شابة ككلّ عصر من عصور بلادي لتقول في غضب لبؤة  مزمجرة بأعلى صوت "أنا هنا "في حين صمت الرجال  و صفقوا  ليعبّر شاعر حائر عن خوالج صدورهم و يترجم لغة عيونهم الصامتة فخرا و خجلا  ليردّد إحدى قصائده : "نساء بلادي ..نساء و نصف".

سمية بالرجب 

samedi 3 mars 2012

بين الحقيقة و السراب


يأتون كما الريح تعصف في الفجاج الخاويات و يميلون كالقصب المشرّد في عراء حقولنا .. ينامون كالأمس المدجج بالردى و يهفون كالسنبل الطروب في صيفنا الممتد بين الحقيقة و السراب .


سمية بالرجب

vendredi 2 mars 2012

باختصار هي أكاديمية الحرية"


المفهوم الغامض للحريات الأكاديمية في تونس:

"باختصار هي أكاديمية الحرية"
في ظلّ ما تعيشه بلادنا هذه الأيام من سجال حول مسألة الحريات و ما تعيشه الأوساط الجامعية التونسية خاصة من جدل حول الحريات الأكاديمية خاصة بعد تزايد العنف في الجامعات تحت شعارات إيديولوجية و ظهور مكثف لعدد من الخروق للأنظمة الداخلية للمؤسسات الجامعية التونسية فقد كان لنا عدد من الحوارات مع عدد من أساتذة التعليم العالي و أيضا منن الطلبة حول مفهوم الحريات الأكاديمية و العوائق التي قد تعترض هذا الشقّ من الحريات .

سألنا الاستاذ عربي شويخة أستاذ تعليم عالي بمعهد الصحافة و علوم الاخبار عن التعريف المناسب لمفهوم الحريات الأكاديمية فأجابنا مبتسما هو "مفهوم الحريّة باختصار" كما أنه يمكننا أنن نجد الآثار الهامّة لمفهوم الحريات الأكاديمية في الاتفاقيات الدولية كاتفاقيات منظمة اليونسكو .
و يضيف الأستاذ عربي شويخة الحرية الأكاديمية في تقديري هي حرية الباحث في نشر بحوثه في الحقل الأكاديميّ كما أنّها تلك الحرية المتعلقة بالجانب البيداغوجي لعملية التدريس داخل الكليات و المعاهد العليا و الحريات الأكاديمية هي تلك الممارسات  التي تمليها الاعتبارات العلمية في التدريس و في البحث مما يجعلها حريات ذات طابع خاص  كما انّنا لا يمكن أن  نقيّد هذه الاعتبارات العلمية  بأشكال الرقابة الاجتماعية أو السياسية أو تلك  المتعارف عليها داخل المنظومة الاجتماعية  لأنّ هذه الحريات أي الحريات الأكاديمية هي ذات طابع عالميّ .
بينما أكدّت لنا الأستاذ مريم بن ماميّة أستاذة بكلية الحقوق و العلوم السياسية بجامعة تونس -المنار أنّ الحريات الأكاديمية تعني ضرورة حقّ الأستاذ في التدريس و البحث و نشر الدراسات و البحوث العلمية دون خوف من تهديدات  آلة القمع السياسية خاصة ما كان يعيشه الأستاذ من حصار و مضايقات في عهد الفساد و الاستبداد ما قبل 14 جانفي 2011.
و تؤكدّ الأستاذة مريم بن مامية أنّ الحريات الأكاديمية لا بدّ أن تتناول جانب نقد الجامعة أي توجيه النقد الموضوعي للمؤسسة الجامعية من قبل الأساتذة و الباحثين.
و حول انتهاكات الحريات الأكاديمية أفادتنا أستاذة اللغة الفرنسية بكلية الآداب و الفنون و الانسانيات بمنوبة الأستاذة فتحية الزقلي قائلة : " في عهد المخلوع سنّت قوانين جائرة ضدّ الحريات الأكاديمية إذ كان علينا أن نمرّ برقابة وزارة الداخلية لننظم ندوة فكرية أو ملتقى علميا أو يوما دراسيا بحيث كانت جميع الورقات العلمي و المداخلات تخضع للرقابة التعسفية .
تركزّ الأستاذة فتحية على الانتهاكات في عهد المخلوع بينما يعرف الأستاذ علي لقرش (أستاذ محاضر في المالية " بالجامعة التونسية " الحريات الأكاديمية قائلا :" الحريات الأكاديمية هي مصدر الحياة الجامعية الحديثة ,فهي في جانب منها الحقّ في التعلم و التعليم و هي أيضا نشر الدراسات العلمية دون خوف من التهديدات , كما تشمل الحريات الأكاديمية الحقّ في انتقاد الجامعة و المشاركة في الحكم عليها و يمثل الدوام أساس الحرية الأكاديمية من خلال الحيلولة دون رفت الاستاذ دون سبب وجيه ".
من جهته عبرّ الأستاذ محمد علي الطرابلسي (أستاذ بكلية العلوم بتونس) بشكل مبسط و طريف عن رؤيته الشخصية في تعريف الحريات الأكاديمية قائلا :" الحريات الأكاديمية باختصار هي أكاديمية الحرية".
بينما ذهب الأستاذ أحمد الربعي في تعريفه للحريات الأكاديمية إلى جانب آخر من القضية مفسرا وجهة نظره من خلال تجربة شخصية :" أعمل كباحث طوال الوقت و نحن جامعيون و لكننا لا ندرس في الجامعات بل نقوم ببحوث فقط في مراكز بحث وطنية ، و الحرية التي نطالب بها تتجسم في حرية التصرّف في البرامج العلمية للابحاث و الموارد المالية المرصودة لها، دون ضغط أو هرسلة من مديري المخابر الذين يجب أن يكون دورهم إداريا و تنسيقيا فقط". 
بينما استطرد الأستاذ ياسين بن عمر في لهجة تشائمية قائلا :" لا وجود للحريات الأكاديمية في تونس أظنذ أنه علينا استيرادها و ستكلف هذه العملية الحكومة ثمنا غاليا و هاهنا لا بدّ أن نتحلى بالكثير من الصبر".
فيما ارتأى الأستاذ ميدالي الطرابلسي أستاذ بالمدرسة العليا للتجارة أنّ نعريف الحريات الأكاديمية يتطلبّ منا تجميع العناصر الرئيسة و الأساسية حول كلّ ما هو أكاديميّ و من ثمّ تحديد الخطوط الحمراء لكلّ ما هو حرية ثمّ الاجابة عن ما  سؤال :" ما هي الحريات الأكاديمية" .
و على غرار الأساتذة و الباحثين الجامعيين  كان الطلبة أيضا كان بصمات و توقيعات في هذا الموضوع إذ تراوحت إجاباتهم بين الجدية و الهزل و الامتناع عن الإجابة في أغلب الأحيان أو تقديم عدم المعرفة على محاولة الإجابة،

 بحيث أجابنا الطالب "عفيف الزرقي"  طالب الماجستيير المهني بمعهد الصحافة و علوم الاخبار في هزل عن سؤالنا حول تعريف الحريات الأكاديمية قائلا  :" الحريات الأكاديمية خليقة و الا صنييعة؟؟؟"
 بينما ردّت زميلته في ماجستير البحث الطالبة ندى كبوبي :" تتلخض الحريات الأكاديمية في تقديم الأستاذ للمعلومة دون اعتبار الخلفيات الدينية أو السياسية أو الايديولوجية كما أنّ الحريات الأكادييمية تدور في فلك الديمقراطية إذ لا بد للباحث أو الأستاذ الجامعيّ أن يمارس مهنته بتشريك الطالب في الدرس و خلق فضاء ديمقراطي داخل القسم يسمح للطلبة بالتعبير عن آراءهم في المسائل العلمية بكلّ حرية و طلاقة في إطار الاحترام المتبادل طبعا فإن لم تمارس هذه الحريات الأكاديمية فعلى الدنيا السلام ".
أما الطالبة سوسن المجردي طالبة سنة ثانية بالمدرسة العليا للتجارة الالكترونية فقد أفادتنا بما يلي :" في الحقيقة لم أفهم المقصود بكلمة "أكاديمية" يبدو المفهوم غامضا إلى حدّ ما أما ما تعلق بمفهوم الحرية فلا أعتقد أنّه ينأى عن التعريف المتداول لكلمة "حرية" ربما كان مفهوم الحريات الأكاديمية في علاقة وطيدة بين الأستاذ و الجامعة كمؤسسة تعليم عالي ، لكنّ لي سؤالا يحيرني ربما يكون أيضا في علاقة بالحريات الأكاديمية : " لماذا تخلى الأساتذة عن حقّ النقد في زمن المخلوع ؟ و لماذا اصطف البعض منهم إلى جانب سياساته التي أضرت بالتعليم العالي ؟ ألم يكن لهم الحقّ في التعبير عن آرائهم أظن ّ أن حرية التعبير  جزء من الحريات الأكاديمية ، أليس كذلك ".
تساؤلات الطالبة سوسن أجابت عنها الطالبة حدهم بن راشد طالبة ماجستير بمعهد الصحافة قائلة :"  سأركز في اجابتي على الأساتذة في علاقتهم بالسلطة السياسية فلطالما خضعت الجامعة التونسية إلى الاعتبارات السياسية للحزب الحاكم فيما مضى بينما لا بدّ للجامعة أن تكون بعيدة عن السلطة السياسية في طرحها للمواضيع العلمية فكلما كانت الجامعة محايدة كلما ازداد الاختلاف و التنوع العلميّ داخلها فالجامعة في الأصل فضاء حيوي للنقاش و كلما كان النقاش حاضرا داخل أسوار الجامعات التونسية كلما كانت الجامعة أكثر ثراء و رقيا من الناحيتين العلمية و الفكرية ".
بيما أكدّ لنا الطالب بماجستير البحث في علوم الاعلامية الهادي الرياحي" أنّ الحريات الأكاديمية لا بدّ أن تخضع لمنطق البيداغوجيا ".
إجابات الاساتذة و الطلبة تدور في فلك كلمتين لا ثالث لهما هي "الحريات " و "الأكاديمية" و في البحث في هتين المفردتين بحار من التعاريف و المقولات و القوانين و المعاهدات و ما هذه الآراء و التعاريف سوى إضاءة بسيطة أو بهرة من ضوء في طريق البحث عن التعريف العلميّ الصحيح و المطوّل للحريات الأكاديمية.

أنتم لا تفتحون الكتب


كيف ستعلون صرح هذه الأمة و فيكم من يأبى الاستماع إلى القول و فيكم من يتشدد لرايه دون قرائن و فيكم من يمضي مع الجموع دون اهتمام بالمآل و العاقبة .. و فيكم عباد جهلة تعصبوا و أخذتهم العزة بالاثم .. كيف ستعلون صرح هذه الأمة و فيكم من يهد منابر العلم و الثقافة و يدعي على الله ما لم يأت به من سلطان ... كيف ستعلون صرح هذه الأمة و فيكم من يكتوي بنيران الغضب ... كيف ستعلون صرح هذه الأمة و أنتم لا تفتحون الكتب , استفيقوا يا عرب 

سمية بالرجب