mercredi 26 décembre 2012

معلومة هاربة من مقص رقيب


هم رواة قصتنا الخبرية ،أوّل سطر في التقاط الحدث، كلمات تزفها المحابر و المصادح لتتهاوى من أعلى المنابر كلمة حق لا ترّد ، هم معلومة هاربة من مقص رقيب ، زوبعة من الكلمات تؤرق الحكام و توقظ النيام ،هم معابر الرفض حين تدق  المظلمة طبولها و يخيّم ليل الاستبداد السرمديّ، هم كل الكلام.

هم رونق الحلم في اكتمال معنى الحرية العذب ، صوتنا القادم  من أعماق الصمت الآفل  ، هم  قناديلنا التي تضيء عتمات الصبر الأليم، و حين تسقط أقنعة الزيف و الضلال ، هم صورة متدفقة من كاميرا الواقع و شفرة الصندوق الأسود حين  ينكشف الصميم .
على كلماتهم نشرب قهوتنا الصباحية و على وجوههم نقتفي أثر الأيام ، هم محرك حواراتنا الساخنة حين تتعدد رؤانا للحقيقة و تفيض من صندوق صغير يبث ضخبنا في كل بيت ،ضجيجا يعدّل مزاجنا على سلّم حرية التعبير.
هم رسومنا الناقدة ،الثائرة على الخمول ، هم شعاع أمل شجاع.. هم قلمنا الذي نكتب بع ذاكرتنا اليومية ، هم مرآتنا العاكسة  لملامح ثقافتنا هم من يعيد تشكيل الوجه الأول للوطن بعيدا عن اللغة الخشبية، هم نواة الصدق القاسية حين نفر من واقع زائف باختصار هم نحن و نحن هم .

سميّة بالرجب 

vendredi 27 avril 2012

في عنق الزّجاجة ...


 يعودون..محملين بأفكارهم القديمة إلى كليّة سئمتهم سأم العليل من الحياة لكنهم لا يسأمون العودة و في كل مرّة يكشف قدومهم المرتقب -مع اشتعال وطيس الحرب السياسية داخل المجلس التأسيسي و خارجه- النقاب عن مخططات تدفع بالكليّة و مصير السنة الجامعية لطلبتها إلى التأزّم و التقهقر حتى أنّ المتابع لوضعية الكلية البائسة  يراها دائما عالقة في عنق الزجاجة ..


السلفيون يعودون ..
لقد كانت حادثة العلم بكليّة الآداب بمنوبة سببا قويا في تقهقر صفوف الطلبة من السلفيين بعد قيام أحد انصارهم بإنزال الراية الوطنية و وضع راية أخرى مكانها أي "راية التوحيد" ،فالضجة الاعلامية التي تلت هذه الحادثة في مختلف وسائل الاعلام التونسية و العربية و الأجنبية جعلت من صورة السلفي ''المتديّن" المدافع أو المحارب من أجل الدين أو لنقل "المجاهد" في سبيل الله  تتراجع لصالح المدافعين عن رموز الوطن التونسي ، حادثة العلم بكلية منوبة وعلى قدر أهميتها على المستوى الوطني و داخل جدران المجلس التأسيسي و في تصريحات نوابه فإنّها خلقت نوعا من الهدوء المؤقت داخل أسوار الكلية و شيئا من الطمأنينة في قلوب طلابها إذ شهد طلبة الكلية و خاصة طلبة قسم العربية أحداثا مروعة لن ينسوها في صراع ايديولوجي بيداغوجي بين الأساتذة و العميد من جهة و بين السلفيين و أنصارهم من الغرباء عن الكليّة من جهة أخرى .. هدوء يصفه الطلبة "بالهدوء ما قبل العاصفة " و ها أنّ السلفيين يعودون ثانية بعد أسابيع من السكينة إلى الكلية متبعين نفس أساليبهم القديمة مع شيء من التنسيق مع وسائل الاعلام الأجنبية التي اتصلوا بها فلبت النداء و تبعتهم صباحا إلى مقرّ العمادة لحضور أطوار منع العميد من دخول مكتبه و مضايقة الأساتذة و الاداريين أثناء عملهم .
بينما تطرح الأسئلة مجددا حول استهداف العميد "الحبيب القزدغلي" الذي تناقلت الصحف و المجلات الأجنبية و العربية ووسائل الاعلام المرئية و السمعية أخباره حتى أنّ بعض الصحف وصفته بالمحارب الأخير من أجل الديمقراطية و أخرى تناقلت أخباره لتصفه " بالمناضل ضدّ الظلامية " و لعل ما أفحم متصفحي الفايسبوك هو ما راج حول نشر مقال لاحدى الجرائد الاسرائيلية -ربما يكون مفتعلا – تثني فيه الصحيفة على الرجل  الذي يواجه للمرّة الثانية على التوالي عملية طرد من قبل السلفيين  في ظرف سياسي عصيب تمرّ به حكومة الترويكا بعد أحداث 09 أفريل 2012 و عدد من اجواء الاحتجاجات و الاضرابات في مختلف جهات الجمهورية و حملة قمع شديد من قبل وزارة الداخلية ؟
يمنع السلفيون عميد كليّة الآداب مجددا من دخول مكتبه في 17 من شهر أفريل و لكن هذه المرّة مع  تحوير بسيط للائحة مطالبهم .
السلفيون .. المطالب الجديدة
شهدت كلية الآداب بمنوبة عددا كبيرا من الهجمات السلفية بمساندة نشطاء و ميليشيات و أيضا بدعم أحزاب اسلامية منها من يدعي "الاعتدال" و كانت المطالب الأساسية مع كلّ هجمة تتمحور حول ضرورة فرض النقاب داخل قاعات الدرس و الامتحان و ضرورة احداث مصلى داخل اسوار الكليّة ربما في قاعة من قاعات الدرس بقسم العربية و الفصل بين الاناث و الذكور –و هو ما تراجع عنه السلفيون فيما بعد- لكنّ مطالب السلفيين في هجمتهم الأخير كانت عبارة عن دفاع مستميت عن الأشخاص إذ ردد أغلب المرابطين في مقرّ العمادة منهم في شهر أفريل 2012 مطلب إرجاع زملائهم إلى مقاعد الدراسة بعد قرار رفتهم من الكلية لمدة تتراوح بين عام و ستة أشهر كالطالب "محمد البختي" الذي شارك في أحداث سليمان الارهابية سنة 2007 و الطالبات المنقبات التي دار حولهن صراع طاحن أدى إلى توقف الدروس لمدة شهر أو يزيد كسابقة في كلية الآداب بمنوبة .
مطالب السلفيين لم تتوقف عند هذا الحدّ بل ذهبت إلى المطالبة بإعادة اصلاح الفروض بالنسبة إلى الطالبات المنقبات اللات أبين دخول القاعة كاشفات لوجوههن كما لم ييأس السلفيون من ترديد مطالبهم القديمة لعل من أبرزها "المصلى" الذي لم ترفضه لا رئاسة الجامعة و لا عمادة الكليّة ، لكنّ السؤال الذي يطرح نفسه دائما عند الاستماع إلى هذه المطالب و الوقوف على نتائج هجمات السلفيين : " أين سلط الاشراف من كلّ هذا ؟"
كلية الآداب و سلط الإشراف
نشرت احدى الجرائد اليومية مؤخرا نص نداء لتكوين لجنة للدفاع عن القيم الجامعية و لمساندة كليّة الآداب بمنوبة  بتوقيع جامعيين و مثقفين و ناشطين في المجتمع المدني وصل عدد امضاءاته إلى 103 إمضاء و قد ركزّ هؤلاء الجامعيون و المثقفون و من بينهم عدد كبير من أساتذة التعليم العالي بكليّة الآداب بمنوبة على نقاط أساسية لعل من أبرزها دور سلط الاشراف في قضية كلية منوبة، فقد أشار نص النداء إلى أن تنصل الحكومة من دورها في حماية المؤسسات العمومية و خاصة منها المؤسسات الجامعيّة بتعلّة الحفاظ على استقلالية الجامعات و عدم التدخلّ في الحرم الجامعيّ هي مجرّد تعلات واهية للتنصل من مسؤولياتها وواجباتها التي يفرضها عليها المنطق السليم و يضمنها القانون التونسي و توصيات "اليونسكو" و المتمثلة حسب هذا البيان في ضرورة حماية السلطة لأمن الطلبة و الأساتذة و الموظفين و العملة مشدديين على أنّ نداء الحماية ليس بالضرورة نداء لقمع المظاهرات السلمية لا في منوبة و لا في غيرها من المؤسسات بل إنّ المطلب الأساسي الذي دعت إليه كليّة الآداب بمنوبة كان مرتكزا بالأساس على قاعدة ثني الحكومة و سلط الاشراف للدخلاء على  الجامعة عن التشويش على الفضاء الأكاديمي و عن مخالفة القوانين. 
و لعل في ما أشار إليه الأساتذة و المثقفون في نص ندائهم إشارة إلى الأحداث العصيبة التي شهدتها الكليّة من عنف ماديّ و معنويّ داخل الكليّة و خارجها و تناحر بين السلفيين و الطلبة على قارعة الطريق على مرأى و مسمع قوات الأمن التي فضلت الوقوف موقف المشاهد دون أن تحرّك ساكنا لإيقاف سفك الدماء أمام الكليّة .
الحادثة التي ألقت بسخط المتابعين للأحداث على سلط الاشراف بعد تناقل وسائل الاعلام لأطوار المسألة ليلقي المجتمع التونسي لا فقط  الجامعيون و الطلبة باللائمة على وزير التعليم العالي و البحث العلمي الذي خرج على كليّة الآداب باستشارة قانونية من المحكمة الادارية لإخلاء ذمته من الموضوع و أيضا وزير الداخليّة الذي لم يعترف بضرورة تحمل مسؤولية رجل الأمن أثناء وجود أعمال عنف بالشارع لحماية الأمن العام و مصلحة المواطنين بل ذهب إلى إلقاء اللائمة على عميد الكليّة قائلا بأنّه "غير متعاون".
أما في الهجمة الأخيرة على مقرّ العمادة  فقد صرّح عميد الكليّة بأنّه طلب الاذن من رئاسة الجامعة ليتصل بوزير الداخلية لتخليصه من السلفيين الذين جاؤوا مجددا لطرده من عقر عمادته دون تردد تحت عدسات تصوير الصحفيين.
سجال داخل العمادة
شب خلاف بين أستاذ للغة الاسبانية و المعتصمين من السلفيين داخل مقرّ عمادة الكلية إثر الأحداث الأخيرة بها ففيما أراد الأستاذ أن يتحاور معهم ليبرز لهم أن تصرفهم لا يخدم مصلحة أي طرف و أنّه مناف للقانون ذهب السلفيون إلى اتهامه بكونه يساريا و أنه يمنع الصلاة عن الناس و أنّه يعادي دين الله و لعلّ ما أربك الجميع هو تشدّق أحدهم بقوة بأس السلفيين في أفغانستان و الصومال و السودان و غيرها من الدول التي تعاني الأمرين قائلا :" و ان شاء الله سيكون لنا بأس في تونس أيضا" ، العبارات الأخيرة أفحمت الجميع فيما ردّ الأستاذ قائلا :" يمكنك الصلاة في أي مكان تريد .. الصلاة ليست بحاجة إلى كلّ هذا الجدال ".
نقلت بعض الصحف اليومية الخبر و أدرجت إحداها باللغة الفرنسية عنوانا مثيرا لواقعة السجال بين المتخاطبين موردة بالبنط العريض " حوار الصمّ" و لعلّ ما يشدّ الانتباه أنّ السلفي الذي أراد لتونس بأسا سلفيا كغيرها من الدول السابقة الذكر قال بالحرف الواحد متجها إلى الأستاذ :" لا حاجة لي بما تقدمه لي من ثقافة" ثمّ سبّ الجلالة .
امتعاض الاداريين الذين حضروا الحوار المضني بين الطرفين كان دليلا كافيا على تناقض صورة السلفي مع أٌقواله و أفعاله لينتهي الأمر بانسحاب الأستاذ الذي فضل أن يقطع حوارا بيزنطيا لن يجني منه سوى السباب و الاهانة.

« Sous les pavés, la poésie ! »


La « Révolution du jasmin », comme la presse internationale l’appelle parfois, n’a pas seulement bouleversé les institutions en mettant fin au règne du clan Ben Ali. Les artistes en général et les poètes tunisiens en particulier ont pu retrouver leur liberté de paroles. Sur les podiums, ou derrière les pupitres.
La poésie en Tunisie reprend-elle des couleurs ? Les évènements s’enchaînent et ne se ressemblent pas. Pas plus tard que mardi 24 avril, un colloque se tenait à Douz pourévoquer des thèmes aussi variés et riches que « La poésie populaire », mais aussi  « Les épisodes du mouvement national après la révolution tunisienne. » Il s’agit de la dixième session d’une série de colloque annuels organisés par le poète et historien Mohamed Marzouki . Et comme chaque année, plusieurs jeunes poètes étaient attendus au rendez-vous.
Mais la poésie est aussi (et surtout ?) présente dans la rue. Les soulements populaires et le renversement de l’Ancien régime ont vu dans leurs rangs un grand nombre de  jeunes  poètes tunisiens frustrés par les injustices et l’oppression exercés à leur endroit. A cet égard, il n’est pas inutile d’y voir une filiation avec le fameux poète tunisien  Abou el Kacem Chebbi qui, à l’époque coloniale, a incarné haut et fort le désir d’émancipation de la population dans des vers devenus célèbres – et que l’on retrouve, aujourd’hui encore, dans  l’hymne nationale tunisien.
La poésie dans tous ses états
Les  (jeunes)  poètes n’ont pas cessé de manifester depuis la chute de l’Ancien régime. Pis encore : chaque fois qu’il est nécessaire de défendre les libertés, on retrouve dans les cortèges quelques uns des grands noms de la poésie contemporaine.  C’est en particulier le cas dans le Sud et le Centre-Ouest tunisien, depuis  Sidi Bouzid jusqu’à Kasserine.
Sami el-Dhibi, par exemple, est un poète vivant dans le gouvernorat de Kasserine. Il n’a cessé de publier et de diffuser, durant la révolution, ses œuvres dans les médias sociaux et dans les médias alternatifs. Comme on peut le voir sur cet exemple ci-dessous :
Ce poète – rebelle et insoumis -, a d’ailleurs expliqué, au cours d’une soirée de lectures et de poésie organisée à Gabes les 23 et 24 Décembre derniers, que la révolution était un pas vers « le progrès »« le triomphe de la liberté et de la dignité », mais aussi un chemin vers « la justice sociale. »
Autre exemple : Ahmed Shaker Ben Daya. Ce jeune poète de Kairouan, qui a été emprisonné par le clan de Ben Ali en raison de ses opinions politiques en 2008, s’est lui aussi révolté contre la dictature. Son expérience malheureuse en prison a renforcé sa volonté de poursuivre son travail et de rédiger d’autres poèmes dénonçant les pratiques de l’Ancien régime.
Ben Dhaya n’a d’ailleurs cessé de participer aux manifestations et aux protestations nationales en compagnie d’autres jeunes poètes et écrivains. Presque tous ces artistes ont le même parcours, et ont décidé de fonder en février dernier le Comité de défenses des droits des jeunes écrivains. Objectif : défendre et promouvoir la liberté d’expression et de création. Sans avoir à rendre des comptes aux autorités politiques. Ce comité s’est d’aileurs organisé sur Facebook, comme on peut le voir ci-dessous :
L’ancienne génération occupe également le terrain 
La Révolution du Jasmin était sans doute une révolution de la jeunesse. Mais elle a aussi mobilisé d’autres générations. Et en matière de poésie, les anciens ont été nombreux à se joindre aux mouvements. Ceuix qui, avant la révolution, se battaient pour la liberté d’expression (quitte à être malmenés par le régime), n’ont bien entendu pas oublier de soutenir les révoltes.
Sghayer Awled Hmed (de Kairouan) est de ceux-là : il a rédigé des beaux textes de poésie contre le pouvoir avant et après la révolution tunisienne qu’on peut lire sur des blogs.
Ce poète  n’a pas cessé de publier partout où il le pouvbait. Dans des revues tunisiennes comme le journal quotidien  «El Maghreb», ou encore dans l’hebdomadaire « Contre le pouvoir et Ennahdha ». Il a clamé haut et fort son désir de changement démocratique : là où la liberté d’expression règne, la tolérance et le pluralisme politique sont possibles. « Le pays doit être exemplaire pour tout le monde en termes de cohabitation et de fraternité», a-t-il écrit dans cette vidéo.EMBED
Jamel Sliaii, également, un poète du Sud (Kbelli), a publié son livre intitulé  Fleuve de fourmis en 2010 déjà. Ses prises de position symboliques ont pu sortir au grand jour .
En somme, la fin de l’Ancien régime a comme libéré des paroles qui n’attendaient qu’une chose : de pouvoir parler. De pouvoir créer. Comme si la société tunisienne avait su réaliser un rêve pour tous, mais qui doit désormais être renforcé, accompagné, soutenu par les pensées des écrivains. Des  philosophes. Et des poètes. Ils ont déjà répondu présent.
Soumaya Berjeb

vendredi 20 avril 2012

التشغيل استحقاق ..


يبدو أنّ ملف التشغيل ما بعد الثورة قد  تأزم  بقوة في الأشهر الأخيرة ،فتظاهر العاطلين عن العمل و احتجاجهم جعل الطلبة أيضا يفكرون في مستقبلهم المهنيّ و يسارعون إلى المطالبة بحقوقهم المستقبلية و يدافعون بشدّة عن خريجي معاهدهم و كلياتهم في ظرف سياسي قاس تعيشه البلاد التونسية منذ اعتلاء حكومة "الترويكا" للحكم .


إذ سبق و أن أضرب طلبة المعهد العالي للتوثيق حول مسألة حقّ الطالب المتخصص في التوثيق و المكتبات و الأرشيف في الشغل بعيد التخرّج من الجامعة و قد استمرّ هذا الإضراب الذي حفته مطالب ثانوية أخرى لمدّة أسبوع لم يتوصّل فيه ممثلوا نقابة الأساتذة بالمعهد و ممثلون عن الإدارة و الطلبة إلى اتفاق إلا في 18 نوفمبر 2011 ، اتفاق ثلاثي كان عماده الأساسي "تطمينات" من قبل ممثلي النقابة بأنّ الوزارات الكبرى في البلاد و غيرها من المؤسسات المختصّة في مجال التوثيق ستثبّت إمكانيات حصول الطلبة بمرحلة الماجستير و غيرهم من المتخرجين من المعهد العالي للتوثيق على عمل يضمن لهم مستقبلهم  لتعود الدروس يوم الاثنين 20 نوفمير 2011 .

غير أنّ الأوضاع ما بعد انتخابات 23 من أكتوبر  قد غيّرت عددا من مشاريع الحكومة السابقة التي منحت الوعود بالتشغيل و أسندت المنح للعاطلين عن العمل ليشهد العاطلون عن العمل من أصحاب الشهادات العليا و من بينهم خريجو المعهد العالي للتوثيق تحويرات كبيرة مع صعود حكومة الترويكا "إلى الحكم ، إذ توقف العمل بإسناد المنح إلى العاطلين عن العمل و تأزّم ملف التشغيل أكثر فأكثر ليخلق وابلا من الأسئلة و الإضرابات و الاحتجاجات لعلّ من أبرزها هذه الأيام احتجاج طلبة و أساتذة المعهد العالي للتوثيق يوم 17 أفريل 2012 أمام وزارة التربية التي انتدبت 600 من أصحاب الشهادات العليا الناجحين في مناظرة" الكاباس "كمشرفين على المكتبات و الأرشيف في المؤسسات التربوية التابعة للوزارة من اختصاصات مغايرة لاختصاص التوثيق و المكتبات الذي يشرف المعهد العالي للتوثيق من جامعة منوبة على تكوين كفاءات علمية في الاختصاص. 
هذه الانتدابات المفاجئة التي اعتبرها الأساتذة و الطلبة بالمعهد العالي للتوثيق مظلمة حقيقية و اجحافا صارخا  في حقّ اصحاب اختصاص التوثيق و المكتبات دفعت بهؤلاء إلى التنديد بهذه القرارات الغريبة من قبل مؤسسات الدولة و التي لا تعبّر إلا عن نوع من الحلول الترقيعية التي لا تخدم مصلحة العاطلين عن العمل بل تؤلب بعضهم على بعض باعتبار أنّ أصحاب الاختصاص يعوضون بأصحاب اختصاصات أخرى .
الوقفة الاحتجاجية الأولى أمام الوزارة كانت شكلا من أشكال النضال التي نصّ عليها بيان صادر عن الأساتذة و الطلبة المحتجين من المعهد العالي للتوثيق إذ ندد هؤلاء في بيانهم بقرار الانتداب من قبل وزارة التربية مؤكدين على أنّ الوقفات الاحتجاجية ستتتالى و تتكرر في جميع جهات الجمهورية أمام مقرات الإدارات الجهوية للتعليم إضافة إلى كتابة رسالة إلى أعضاء المجلس التأسيسي لطرح قضيتهم على أعلى سلطة شعبية في البلاد ما بعد الثورة كما أمضىّ الأساتذة عريضة و أكدّوا على عزمهم رفع قضية لدى المحكمة الإدارية في الغرض.
ردّة فعل طبيعية تأتي عقب تخبط ملحوظ للوزارات بحثا عن حلول لملف تشغيل الشباب العاطل عن العمل و الحامل للشهادات العليا فبينما تلوذ هذه المؤسسات و من خلفها الحكومة إلى إيجاد حلول بديلة لمنحة 200 دينار المسندة من قبل الحكومة الانتقالية السابقة  التي تم توقيف العمل بها يذهب العاطلون عن العمل في اختصاص التوثيق و غيره من الاختصاصات إلى الضغط أكثر فأكثر على هذه المؤسسات بإتباع كافة  السبل السلمية و القانونية في آن للدفاع عن حقوقهم التي يقول الكثيرون أنّها "لن تضيع هباء".

سمية بالرجب 

jeudi 19 avril 2012

الطريق إلى الجامعة .. ما خفي كان أعظم


لطالما كان "التعليم القويم’’  حجر الأساس في نهوض الأمم و ازدهارها و لطالما كان "التعليم " الطريق السالكة نحو تنشئة أجيال تحمل من الوعي ما يمكنها من اختراق كافة أفضية المعرفة و تسلّق السلم العلميّ دون مشقة . بل يذهب العديد من المثقفين إلى تعريف التعليم على أنّ له وظيفة اجتماعية لا يستهان بها هي في طور الاضمحلال في عصرنا  الحالي إذ يقولون بأن "التعليم" بمثابة المصعد الذّي يركبه الرجل الفقير ليصل إلى أعلى المراتب الاجتماعية .. و هذا كان حال التعليم في البلاد التونسية..شعار يرفع بإرادة سياسية بعيد الاستقلال سنة 1958 ليصبح انجازا تفتح عبره أعرق الجامعات الفرنسية و الأجنبية أبوابها لأبناء تونس مرحبّة ، ليتحوّل التعليم زمن الاستبداد و الفساد في بلادنا  إلى واجهة ضبابية تخفي خلفها الانتهازية و التقهقر العلميّ بل لنقل رمادا يذر فوق العيون ليخفي حقيقة انحطاط معرفيّ مرّده سياسة تعليمية تلقينية بحتة و زركشة خادعة تعلو النسب الخيالية للنجاح الوهميّ في صفوف التلاميذ قبل الطلبة .. و ما خفي كان أعظم !

لقد كشفت ثورة 14 جانفي 2011 في البلاد التونسية عن عدد كبير من المساوئ التي لحقت بمنظومة التعليم التونسية انطلاقا من المرحلة الابتدائية وصولا إلى مرحلة التعليم العالي ثمّ البحث العلمي و قد أزاح ظهور هذه الحقيقة "الفاجعة" الغشاوة عن عيون العديد من المصدقين لأكذوبة التعليم التونسي اللامع  لتصدح أصواتهم بضرورة إصلاح التعليم التونسيّ الذي تميزّ في الفترة البورقيبية بألق و تميزّ مازال آباءنا و الطاعنون في السنّ من ذوينا يتحدثون عنه و يقرّعون عبره الأجيال الصاعدة من الشباب "المتعلّم" عند كل مناسبة ،
 فقد عرف "التعليم" في فترة حكم الرئيس المخلوع 'زين العابدين بن علي' تدهورا بالتدرّج  شهد أحلك و أسوأ حالاته -حسب عدد من الأساتذة و متفقدي التعليم الابتدائي و الثانوي و أيضا عدد من الأساتذة الجامعيين الذين فاتحناهم في الموضوع - في السنوات الأخيرة لحكمه  .

 بداية العلّة .. الابتدائي :
شهد التعليم التونسي عددا من الاصلاحات الهامّة في فترات متباعدة نسبيا لكنّه لم يعرف اصلاحا واحدا نافعا في فترة "الشعارات البنفسجية " فلم يعد التعليم الابتدائي قاعدة منيعة لتعلّم القراءة و الكتابة و حذق علوم اللغة و الرياضيات و الإيقاظ العلميّ و غيرها بل بات أشبه بتيار من النسب الخيالية للنجاح في صفوف التلاميذ الذين أكدّت مداخلات بعض أساتذة التعليم الثانوي في إحدى الملتقيات الدورية حول موضوع "التعليم في تونس" أنّ من تلاميذ السنة السابعة أساسي من يصل إلى هذه المرحلة و هو لا يعلم كيف يكتب "اسمه و لقبه " بأيّ لغة كان ..لا العربيّة و لا الفرنسية .
و على قدر دهشتك من هذا الخبر المفزع داخل المنظومة التعليمية التونسية يصرح معلّم بأنّ التلاميذ يغادرون المدرسة و كأنّهم لم يدخلوها فالقوانين و المناشير الصادرة عن وزارة التربية حجرت طرد أيّ تلميذ دون عمر معيّن ضمن السياسة الرامية إلى التصدّي لظاهرة الانقطاع والفشل المدرسي بتوفير تعليم جيد للجميع يضمن لكلّ فرد الاندماج الناجح في المجتمع لكنّ ما يؤكدّه المعلّمون و الأساتذة أنّ مبدأ التصدّي للفشل الدراسي "و هو متوفرّ بكثرة في صفوف التلاميذ" و مبدأ  تكافئ الفرص و النجاح الآليّ قد أدّى إلى تدهور الطاقة التنافسية لدى التلاميذ اللامعين و المتميزين فباتوا يرون في مجهودهم –حسب بعض المعلّمين- مجهودا خاويا باعتبار أنّ كلّ التلاميذ تحت شعار التصدّي للفشل الدراسيّ باتوا يدعمون من ناحية الأعداد كيفما اتفق ليطرحوا سؤالا يتكرر عند كلّ مناسبة " ما هي الغاية من المجهود الإضافي الذي نقوم به إذا كان كل التلاميذ يتفوقون و ينجحون دون عناء؟ ".
ناهيك عن عدم انضباط التلاميذ داخل القسم و تحوّل الفضاء التعليميّ إلى فضاء للعنف المدرسيّ في ظلّ غياب تربية جيّدة داخل العائلة و تنشئة اجتماعية رديئة باتت تتجاوز المدرسين و تعيقهم عن القيام بوظيفتهم التربوية داخل المدارس تحت عنوان "حقوق الطفل " إضافة إلى عدد من  المشاكل الأخرى داخل المنظومة التعليمية في مرحلة الابتدائي ربّما لن تكفيها مجلدات غليظة السمك لاحتوائها و الحديث عنها .
الثانوي ..نقطة استفهام ؟ :
تعدّ المرحلة الثانوية من المراحل الهامّة لإضفاء جانب النضج العلميّ على عقول التلاميذ فهي أشبه بمقدّمة معرفيّة تحدّد فيما بعد اختيارات التلميذ في المرحلة العليا و تفتح أمامه الأبواب للتفكّر في العلوم و حلّ الإشكاليات العلميّة البسيطة كفاتحة للغوص في العلوم الصحيحة و العلوم الإنسانية بما يخوّله لطرق أبواب الجامعة و اكتساح فضاء البحث العلميّ فيما بعد ..لكنّك حين تستمع إلى بعض شهادات الأساتذة في المعاهد الثانوية تنتابك حيرة و تلهب حلقك غصّة .. استمعنا إلى بعض الأساتذة و شاهدنا بعض ممارسات التلاميذ داخل الأقسام و لعلّ التكنولوجيا الحديثة و الشبكات الاجتماعية قد منحت التلاميذ قبل الأساتذة فرصة لفضح ممارساتهم داخل الأقسام لتعكس هذه الممارسات في جلّها حقيقة المسار التعليميّ لهؤلاء و مآل مستقبلهم العلميّ .. يتحدّث الأساتذة في المرحلة الثانوية عن عزوف رهيب للتلاميذ عن دخول القاعات لتلقي موّاد هامّة كاللغات و الرياضيات و الفيزياء و الاقتصاد و التصرّف و حتى التربية البدنيّة .
و يرّد الأساتذة هذا العزوف إلى أنّ الضوابط العلميّة قد تغيّرت و أخذت منحى آخر مختلفا عن المنحى الأصليّ ألا و هو تلقي المعرفة و قد أدلت أستاذة في مادّة الاقتصاد بشهادة يندى لها الجبين قائلة في ملتقى حول "التعليم في تونس" : " لزميلتي قسم لا يدخله إلاّ خمسة تلاميذ من أصل 26 تلميذا ".
السؤال المطروح هاهنا " أين الضوابط الإدارية ؟"
أستاذ آخر يتحدّث عن عدم رغبة التلاميذ في حضور مادّة الفلسفة و عن صواريخ ورقية تستهدفه في كلّ حصّة تضطرّ به إلى إلغاء الدرس و آخر يتحدّث عن سيارته التي عاث بها التلاميذ فسادا لرفضه إلغاء "صفر " أسنده إلى تلميذ لا يحضر حصتّه و لا يجري الاختبارات .
و في خضّم كلّ هذه التجاذبات تتحدّث أستاذة في الرياضيات عن عدد كبير من الإصلاحات التي فرضتها وزارة التربية لعلّ من أبرزها في زمن الرئيس المخلوع " زيادة 25 بالمائة من المعدّل السنوي بالنسبة لتلاميذ الباكلوريا و إلغاء مناظرة التاسعة أساسي " و هو ما علّقت عليه بكونه قد أزاح أيّ نوع من الغربلة في صفوف التلاميذ و أنّ هذه النسبة هي ما أفسد التعليم الثانوي و حطّ من المقدرة العلميّة لدى التلميذ الناجح في الباكلوريا .
و بالتركيز على مسألة الإصلاحات و المناشير تحدّث بعض الأساتذة عن حادثة غريبة تمثّلت في إصلاح أستاذة لعدد من الفروض التي لم يكن بينها حسب الشهادات أيّ فرض يستحقّ معدّل عشرة من عشرين ففوجئت الأستاذة بتوبيخ من وزارة التربية و التعليم أعقبه خطاب مهين لمدير المعهد توجّه به إلى الأستاذة قائلا :" بره راجع روحك يا مدام" .
يؤكدّ أساتذة التعليم الثانوي في هذا الصدد بان الأستاذ بات رهين برامج مسطرّة من قبل الوزارة قتلت جميع أنواع الاجتهاد لدى الأستاذ و جعلت منه آلة تلقينية بامتياز و هو ما فتح أبواب الانتهازيّة في صفوف الكثيرين الذين يقدّمون دروس التدارك فبات التلميذ رهينا لنماذج تقدّم داخل حلقات دروس التدارك فاذا حضرها و دفع ماله اجتاز الاختبار بنجاح و إذا لم يحضرها باء في أغلب الأحيان بالفشل و نال الأعداد السيئة .
اللغات .. العجز العلميّ :
معضلة أخرى تكتسح صفوف التلاميذ لعلّها تلك المتمثلّة في مسألة عجز التلاميذ عن حذق أيّ لغة على الوجه الأمثل و يرّد الأساتذة الأمر إلى مرحلة الابتدائي و عجز المعلّم عن تلقين التلاميذ في مرحلتي التعليم  الابتدائي و الأساسي أصول اللغة و النحو و الصرف و غيرها في باب اللغات الأجنبية و هو ما يؤدّي إلى تقاعص مذهل في التجاوب مع أيّ مادّة أخرى كون اللغة هي أساس تلقي العلوم .
هذا الأمر و لا ريب يفتح الباب أمام التساؤل عن الفجوات بين المراحل التعليمية فليس للأستاذ في مرحلة الأساسي علم أو دراية بما يقدّم في مرحلة الابتدائي و لا الأستاذ في التعليم الثانوي بمطلّع على ما يقدّم في مرحلة التعليم الأساسي و لا الأستاذ في السنوات الأولى في التعليم العالي بقادر على مقاربة ما يقدّم في سنة الباكلوريا ..هذه الفجوات خلقت نوعا من التعكّر –حسب الأساتذة – في حلّ عديد المعضلات التي تشوب التعليم التونسي بامتياز.

يبدو الطريق إلى الجامعة التونسية شائكا و موحلا بل لنقل وعرا يحمل بين طياته مشكلات عصيبة ينادي المطلعون عن قرب من الأساتذة و الأولياء و غيرهم بحلّها مرددين كلمة "الإصلاح ثم الإصلاح" لكنّ دوامة الإصلاح في منظومة التعليم التونسية قد تستغرق سنوات من الكفاح خاصّة و أنّ التكنولوجيا الحديثة قد أفقدت المدرسة الكثير من وظائفها السمحة فهل تنجح الإرادة السياسية بعد الثورة في خلق ثورة داخل النظام التعليميّ على غرار ما حدث ما بعد الاستقلال ؟ و هل سترسم المؤسسات التعليميّة التونسية إستراتيجية قويمة للتصدّي لهذا التقهقر المفزع في مردود المدارس و المعاهد التونسية و من بعدها الجامعات ؟ .

سميّة بالرجب   

mercredi 28 mars 2012

ما أجمل العلم حين تحضنه امرأة ..



خولة الرشيدي ..
                           مريان التونسية



كشمس تطلّ .. كقمر لم يكتمل  .. كنجمة تشّع في ظلمة الحقيقة .. ترتقي صاحبة الوجه البريء الحائط كعريشة .. كنبتة متمرّدة تشقّ الحجر فتنير خطواتها سطح البناية الباكية .. هناك حيث يقف الظلام مهللا و مكبّرا .. هناك حيث تأتي الأصوات خافتة فمتعالية , هناك حيث فحولة رجل بساعدين قويين تؤسس لمهزلة تاريخية ..هناك حيث التقت راية نعشقها براية لم نتعود رؤيتها فوق المباني و نصب العيون ..خفت صوت الأوّلى  و رفرفت الثانية بما خّطّ على سوادها ألقا..  لتجيء ''خولة الرشيدي'' كمريان ذاك الزمان و بيدها المرتعشة و جسمها النحيل تحاول أن ترتقي صخور الأمل علّها تذود بشجاعة عفويّة عن سقوط الوطن .. علّها تعيد إلى حمرة الخجل الذّي ملأ الوجوه تحت قدميها نجمة و هلالا ..
اندفعت خولة لتمزّق الصمت و تهوي كورقة صفراء من أعلى المشهد .. الظلام كان كثيفا لكنّها كانت كشمعة يائسة الضوء تسترق في لحظة الحزن و الحنق توقيتها المناسب.. و بعزيمة أنثى غاضبة تمدّ مريان التونسية يدها إلى الشاب الملتحف بالسواد علّه يفهم أن لا ضير بين عناق الرايتين بل أنّ الضير في افتراقهما و كلاهما رمز لنخوته ..
يتيبّس المعنى الحماسي في ذهن الفتى فيطرح الطالبة الشجاعة أرضا دون شفقة و يمدّ يده إلى العصا و فكرة جهنمية حاقدة تهزّه.. تتشكلّ الشخصيات القديمة كلّها في نهوض الفتاة .. فكعليسة قرطاج  تعاود خولة الرحلة إلى مرفأ آمن ..و ككاهنة البربرية تتمرّد خولة على واقع أسود .. تعاود النهوض فيعلو الصراخ .. هناك كان العلم في تمازج لونيه الاحمر و الابيض باكيا من الفرح ..
هي فقط طالبة اللّغة الفرنسية بكلية الآداب بمنوبة  تحطّم الصمت الآسر لتقول لشعبها بنبرة عتيدة " أنا تونسية ,و لن أسمح بتدنيس العلم" ..  
تحمي الفتاة علمها و رمز تضحيات الشهداء من شباب الثورة ضدّ الفساد و شهداء الاستعمار الغاشم  لتهبّ كنجمته و هلاله عروبة و اسلاما و تودّع اللحظات السود باكية فستقبلها ساحات التكريم و التهليل في يومها ..اليوم العالميّ للمرأة.. بل للوطن التونسيّ ..  ففي حين تنام النساء في وطني و تستيقظن على صدى كوابيسهن و مخاوفهنّ المستقبلية من تلعثم حقوقهنّ في فوضى البحث عن الهوية و تطبيق الشريعة الاسلامية تأتي امرأة شابة ككلّ عصر من عصور بلادي لتقول في غضب لبؤة  مزمجرة بأعلى صوت "أنا هنا "في حين صمت الرجال  و صفقوا  ليعبّر شاعر حائر عن خوالج صدورهم و يترجم لغة عيونهم الصامتة فخرا و خجلا  ليردّد إحدى قصائده : "نساء بلادي ..نساء و نصف".

سمية بالرجب 

samedi 3 mars 2012

بين الحقيقة و السراب


يأتون كما الريح تعصف في الفجاج الخاويات و يميلون كالقصب المشرّد في عراء حقولنا .. ينامون كالأمس المدجج بالردى و يهفون كالسنبل الطروب في صيفنا الممتد بين الحقيقة و السراب .


سمية بالرجب

vendredi 2 mars 2012

باختصار هي أكاديمية الحرية"


المفهوم الغامض للحريات الأكاديمية في تونس:

"باختصار هي أكاديمية الحرية"
في ظلّ ما تعيشه بلادنا هذه الأيام من سجال حول مسألة الحريات و ما تعيشه الأوساط الجامعية التونسية خاصة من جدل حول الحريات الأكاديمية خاصة بعد تزايد العنف في الجامعات تحت شعارات إيديولوجية و ظهور مكثف لعدد من الخروق للأنظمة الداخلية للمؤسسات الجامعية التونسية فقد كان لنا عدد من الحوارات مع عدد من أساتذة التعليم العالي و أيضا منن الطلبة حول مفهوم الحريات الأكاديمية و العوائق التي قد تعترض هذا الشقّ من الحريات .

سألنا الاستاذ عربي شويخة أستاذ تعليم عالي بمعهد الصحافة و علوم الاخبار عن التعريف المناسب لمفهوم الحريات الأكاديمية فأجابنا مبتسما هو "مفهوم الحريّة باختصار" كما أنه يمكننا أنن نجد الآثار الهامّة لمفهوم الحريات الأكاديمية في الاتفاقيات الدولية كاتفاقيات منظمة اليونسكو .
و يضيف الأستاذ عربي شويخة الحرية الأكاديمية في تقديري هي حرية الباحث في نشر بحوثه في الحقل الأكاديميّ كما أنّها تلك الحرية المتعلقة بالجانب البيداغوجي لعملية التدريس داخل الكليات و المعاهد العليا و الحريات الأكاديمية هي تلك الممارسات  التي تمليها الاعتبارات العلمية في التدريس و في البحث مما يجعلها حريات ذات طابع خاص  كما انّنا لا يمكن أن  نقيّد هذه الاعتبارات العلمية  بأشكال الرقابة الاجتماعية أو السياسية أو تلك  المتعارف عليها داخل المنظومة الاجتماعية  لأنّ هذه الحريات أي الحريات الأكاديمية هي ذات طابع عالميّ .
بينما أكدّت لنا الأستاذ مريم بن ماميّة أستاذة بكلية الحقوق و العلوم السياسية بجامعة تونس -المنار أنّ الحريات الأكاديمية تعني ضرورة حقّ الأستاذ في التدريس و البحث و نشر الدراسات و البحوث العلمية دون خوف من تهديدات  آلة القمع السياسية خاصة ما كان يعيشه الأستاذ من حصار و مضايقات في عهد الفساد و الاستبداد ما قبل 14 جانفي 2011.
و تؤكدّ الأستاذة مريم بن مامية أنّ الحريات الأكاديمية لا بدّ أن تتناول جانب نقد الجامعة أي توجيه النقد الموضوعي للمؤسسة الجامعية من قبل الأساتذة و الباحثين.
و حول انتهاكات الحريات الأكاديمية أفادتنا أستاذة اللغة الفرنسية بكلية الآداب و الفنون و الانسانيات بمنوبة الأستاذة فتحية الزقلي قائلة : " في عهد المخلوع سنّت قوانين جائرة ضدّ الحريات الأكاديمية إذ كان علينا أن نمرّ برقابة وزارة الداخلية لننظم ندوة فكرية أو ملتقى علميا أو يوما دراسيا بحيث كانت جميع الورقات العلمي و المداخلات تخضع للرقابة التعسفية .
تركزّ الأستاذة فتحية على الانتهاكات في عهد المخلوع بينما يعرف الأستاذ علي لقرش (أستاذ محاضر في المالية " بالجامعة التونسية " الحريات الأكاديمية قائلا :" الحريات الأكاديمية هي مصدر الحياة الجامعية الحديثة ,فهي في جانب منها الحقّ في التعلم و التعليم و هي أيضا نشر الدراسات العلمية دون خوف من التهديدات , كما تشمل الحريات الأكاديمية الحقّ في انتقاد الجامعة و المشاركة في الحكم عليها و يمثل الدوام أساس الحرية الأكاديمية من خلال الحيلولة دون رفت الاستاذ دون سبب وجيه ".
من جهته عبرّ الأستاذ محمد علي الطرابلسي (أستاذ بكلية العلوم بتونس) بشكل مبسط و طريف عن رؤيته الشخصية في تعريف الحريات الأكاديمية قائلا :" الحريات الأكاديمية باختصار هي أكاديمية الحرية".
بينما ذهب الأستاذ أحمد الربعي في تعريفه للحريات الأكاديمية إلى جانب آخر من القضية مفسرا وجهة نظره من خلال تجربة شخصية :" أعمل كباحث طوال الوقت و نحن جامعيون و لكننا لا ندرس في الجامعات بل نقوم ببحوث فقط في مراكز بحث وطنية ، و الحرية التي نطالب بها تتجسم في حرية التصرّف في البرامج العلمية للابحاث و الموارد المالية المرصودة لها، دون ضغط أو هرسلة من مديري المخابر الذين يجب أن يكون دورهم إداريا و تنسيقيا فقط". 
بينما استطرد الأستاذ ياسين بن عمر في لهجة تشائمية قائلا :" لا وجود للحريات الأكاديمية في تونس أظنذ أنه علينا استيرادها و ستكلف هذه العملية الحكومة ثمنا غاليا و هاهنا لا بدّ أن نتحلى بالكثير من الصبر".
فيما ارتأى الأستاذ ميدالي الطرابلسي أستاذ بالمدرسة العليا للتجارة أنّ نعريف الحريات الأكاديمية يتطلبّ منا تجميع العناصر الرئيسة و الأساسية حول كلّ ما هو أكاديميّ و من ثمّ تحديد الخطوط الحمراء لكلّ ما هو حرية ثمّ الاجابة عن ما  سؤال :" ما هي الحريات الأكاديمية" .
و على غرار الأساتذة و الباحثين الجامعيين  كان الطلبة أيضا كان بصمات و توقيعات في هذا الموضوع إذ تراوحت إجاباتهم بين الجدية و الهزل و الامتناع عن الإجابة في أغلب الأحيان أو تقديم عدم المعرفة على محاولة الإجابة،

 بحيث أجابنا الطالب "عفيف الزرقي"  طالب الماجستيير المهني بمعهد الصحافة و علوم الاخبار في هزل عن سؤالنا حول تعريف الحريات الأكاديمية قائلا  :" الحريات الأكاديمية خليقة و الا صنييعة؟؟؟"
 بينما ردّت زميلته في ماجستير البحث الطالبة ندى كبوبي :" تتلخض الحريات الأكاديمية في تقديم الأستاذ للمعلومة دون اعتبار الخلفيات الدينية أو السياسية أو الايديولوجية كما أنّ الحريات الأكادييمية تدور في فلك الديمقراطية إذ لا بد للباحث أو الأستاذ الجامعيّ أن يمارس مهنته بتشريك الطالب في الدرس و خلق فضاء ديمقراطي داخل القسم يسمح للطلبة بالتعبير عن آراءهم في المسائل العلمية بكلّ حرية و طلاقة في إطار الاحترام المتبادل طبعا فإن لم تمارس هذه الحريات الأكاديمية فعلى الدنيا السلام ".
أما الطالبة سوسن المجردي طالبة سنة ثانية بالمدرسة العليا للتجارة الالكترونية فقد أفادتنا بما يلي :" في الحقيقة لم أفهم المقصود بكلمة "أكاديمية" يبدو المفهوم غامضا إلى حدّ ما أما ما تعلق بمفهوم الحرية فلا أعتقد أنّه ينأى عن التعريف المتداول لكلمة "حرية" ربما كان مفهوم الحريات الأكاديمية في علاقة وطيدة بين الأستاذ و الجامعة كمؤسسة تعليم عالي ، لكنّ لي سؤالا يحيرني ربما يكون أيضا في علاقة بالحريات الأكاديمية : " لماذا تخلى الأساتذة عن حقّ النقد في زمن المخلوع ؟ و لماذا اصطف البعض منهم إلى جانب سياساته التي أضرت بالتعليم العالي ؟ ألم يكن لهم الحقّ في التعبير عن آرائهم أظن ّ أن حرية التعبير  جزء من الحريات الأكاديمية ، أليس كذلك ".
تساؤلات الطالبة سوسن أجابت عنها الطالبة حدهم بن راشد طالبة ماجستير بمعهد الصحافة قائلة :"  سأركز في اجابتي على الأساتذة في علاقتهم بالسلطة السياسية فلطالما خضعت الجامعة التونسية إلى الاعتبارات السياسية للحزب الحاكم فيما مضى بينما لا بدّ للجامعة أن تكون بعيدة عن السلطة السياسية في طرحها للمواضيع العلمية فكلما كانت الجامعة محايدة كلما ازداد الاختلاف و التنوع العلميّ داخلها فالجامعة في الأصل فضاء حيوي للنقاش و كلما كان النقاش حاضرا داخل أسوار الجامعات التونسية كلما كانت الجامعة أكثر ثراء و رقيا من الناحيتين العلمية و الفكرية ".
بيما أكدّ لنا الطالب بماجستير البحث في علوم الاعلامية الهادي الرياحي" أنّ الحريات الأكاديمية لا بدّ أن تخضع لمنطق البيداغوجيا ".
إجابات الاساتذة و الطلبة تدور في فلك كلمتين لا ثالث لهما هي "الحريات " و "الأكاديمية" و في البحث في هتين المفردتين بحار من التعاريف و المقولات و القوانين و المعاهدات و ما هذه الآراء و التعاريف سوى إضاءة بسيطة أو بهرة من ضوء في طريق البحث عن التعريف العلميّ الصحيح و المطوّل للحريات الأكاديمية.