mercredi 19 juin 2013

الإدارة التونسيّة.. الجلاّد أم الضحيّة ؟


الإدارة التونسيّة.. الجلاّد أم الضحيّة ؟

قد يستغرب البعض حديثنا بإطناب عن واقع الادارة التونسيّة .. لكنّه الواقع الذي يثير بالضرورة العجب..الادارة كما أراها ليست الادارة التي يجب أن تكون في بلد شهد انتفاضة أو شبه ثورة .. الادارة من منظوري خاص و دون زيف أو تفنّن أو مجاملة و باختصار هي مهد الجمود ..



و الجمود هنا ليس بالمعنى الذي قد يذهب إليه الكثيرون في تفسيره على كونه خمولا أو كسلا لكنّه الجمود بالمعنى الحقيقيّ للكلمة.. الجمود على جميع المستويات، ذلك التصلّب الجائر الذي يكتم على أنفاسك و يشلّ حركتك و يحوّلك إلى آلة للرقن أو آلة حاسبة و في أفضل الأحوال صاحب مكتب فخم..أتساءل منذ ثلاث سنوات عن *الحياة* داخل الإدارة التونسية رغم وجود حركة مكثفة جيئة و ذهابا و رغم تتالي نفس الأعمال و تكرار نفس المهام..

أتساءل عن الحياة التي ينشدها الجميع أي تلك الحياة التي تجعل الموظّف التونسي يأتي إلى الادارة و هو مطمئن و في قلبه و نظراته و أعماله ما يوحي بأنّ الادارة مكانه الذّي يريد أن يستمر فيه أو على الأقلّ ذلك المكان الذي يشعره بالانتماء و بحبّ العمل و بأنه يبذل شيئا ذا قيمة و بأنّه مفيد و بأنّ حياته داخل الادارة التونسية لها أبعاد و لها زوايا للتفنن و لو مع وجود مهام محدّدة..


أتساءل دائما إذا كانت الادارة التونسية اليوم و بعد شبه انتفاضة تعيش أفضل حالاتها ؟ لا أعتقد .. الحال عام و شامل .. بل انّ الادارة هي المتضرّر الأوّل من كمّ من التراكمات و العادات الهجينة و السيئة التي انتشرت في زمن الفساد المستمرّ حتى بعد رحيل المخلوع..الفساد على جميع المستويات سواء أن كان ذاك الأخلاقي أو الماليّ أو حتى فساد النوايا و فساد القلوب.. - إلاّ ما رحم ربي - هو فساد في الأصل اقتصاديّ..

 الموظّف التونسي اليوم لم يعد قادرا على تحقيق أحلامه و لا حتّى الخروج من بوتقة الركض وراء المجهول.. الموظّف أو لنقل الاداري هو ضحيّة عجز اقتصادي و ماديّ جعله ينحدر إلى مستويات ضحلة من الانتهازية عزّزتها الاغراءات القديمة في زمن المخلوع و الاغراءات الجديدة أيضا .. و هنا نتساءل إذا كانت ذمة النّاس مازالت تشترى و تباع أم أنّها نحت مناحي متطوّرة من الطاعة و الولاء في غير محلّهما ؟ و لأنّ الدولة لم تعد بتلك القوّة التي كانت عليها فإنّ الموظّف اليوم أصبح يشعر بأنّه ملك لأشخاص يسيرونه و قد يطلبون منه ما لا طاقة له به فإذا استعصى عليه الأمر إمّا أبدلوه بدلا أو جمّدوا نشاطه الوظيفي أو ابتزوه بكل الطرق و هو يجهل أنّ القانون يحميه و يجهل أنّه موظّف لدى الدولة لا موظّف عند زيد أو عمر ..


و لأنّ الجهل في صفوف الضعفاء أو الغافلين سمح للكثيرين بتسلّق جبال شاهقة من الانتهازية و الاستغلال فإنّ الأمر اليوم بات أشبه ببركة ماء في الصحراء يراها الرائي فيركض على عطشه كي يرتوي منها فإذا هي سراب.. و – هو
لعمري- حال الوضع السياسيّ في البلاد و حال المواطن اليوم و حال الإدارة التونسية.. 

سمية بالرجب 
جوان 2013 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire