lundi 19 juillet 2010

ريبورتاج
رحلة المترو عدد 4 إلى المدينة الفسيفسائية

روعة التصميم و ثراء المعرفة

عندما يطل بوجهه الأخضر عند بداية الطريق المؤدي إلى المحطات الثلاث الأخيرة في مساره تختلط عليك و أنت جالس تصافح المشاهد المنبعثة إليك من زجاجه أشكال المباني المختلفة التفاصيل حتى لتبدو مضطرا لمعانقتها جميعا فرائحة التاريخ العريق التي تصادفك منبعثة من المعهد العالي للحركة الوطنية هي أول الخيط لاكتشاف عراقة المدينة التي تقصد على حداثة عهدها فلا يعدو أن يكون المترو عدد 4 وسيلتك الوحيدة لمشاهدة معالم هذا الصرح العلمي .
التاريخ لا ينأى بنفسه عن التوثيق الذي يجانبه قائلا لا بد لك أن تلقي نظرة على المعهد العالي للتوثيق حيث ينخرط المرء في مشاهدة جحافل من الطلبة تقطع الطريق المؤدي إلى المعهد ذهابا و إيابا دونما كلل او ملل أما الحاضر فقد تجده أثناء مرور المترو و تنقله بضعة أمتار لتراه متجسدا أمامك في توأمة فريدة مع التاريخ و التوثيق بحيث تتجسم الوقائع في أيادي طلبة يرسمون الواقع المعيش بكاميرات و مصادح و آلات تصوير و أقلام لا تنفك تخط الأحداث ..أنت الآن حتما أمام معهد الصحافة و علوم الإخبار ...
هم يكتبون لكنهم يتكلمون اللغات كلها حتى تلك الصامتة منها و لكن في انتقال المترو بعيدا عن معهدهم حكمة لا تجد لها بديلا فاللغات التي يتكلمون و الحكمة التي يستقون و الزمان و المكان ..جغرافيا العالم و فلسفة العصور و جنون الإبداع لا تعدو أن تكون قد شهدت ولادتها الأولى هنا بين هؤلاء الأساتذة الصغار طلبة كلية الآداب و الفنون و الإنسانيات حيث يمكن لك أن تلمح كل تفاصيل حياتهم في هذا المكان و المترو لا يكاد يتجاوز الكلية .
في لحظات تأملك المطول للمساحة الكبرى التي احتلتها كلية الآداب من المدينة الفسيفسائية و انبهارك بهذه المساحات الخضراء التي تؤمها يمكن لك أن تتوقف قليلا لتشاهد بناء آخر و لونا آخرا من الاختصاصات ربما قد يلهمك أكثر لترسل رسالة الكترونية إلى صديق و تخبره بأنك رأيت سفينة مذهلة من مواقع الواب و أنظمة المعلومات و الحواسيب و طريقا ازرق لامتداد الإبحار في هذه المدرسة السفينة ..هي و لا ريب المدرسة الوطنية لعلوم الإعلامية .
بينك و بين المدرسة زجاج نافذة المترو لكن بينك و بين الزجاج مخيلة قد تحملك إلى الإبحار في أرجاء المدرسة لتعلم أن الحقيقة أحيانا تلدها اللغة الافتراضية للعالم و حتى لا تبتعد كثيرا عن افتراض الحقيقة و التحقق من الافتراض يمكن لك أن ترى بناء اسطواني الشكل أشبه بشكل مخيلتك قائما أمامك ليبث إليك ذبذبات الشبكة العنكبوتية عل مخيلتك ترتاح قليلا من عناء التخيل انه مركز الخوارزمي للحساب الآلي ..
يمر المترو لترى مئات الطلبة يعبرون المكان المزركش بالألوان و النظر باخضرار حدائقه و مساحاته الخضراء لتتساءل أثناء تأملك لهذه الأمكنة عن التكلفة التي يمكن أن تساوي كل هذا المجهود الجبار في بناء مركب جامعي كهذا المركب و تضع نفسك مكان تاجر أو محاسب و تنطلق الأرقام و النسب في عبور ذهنك و إحداث رجتها الغريبة و لكنك أثناء التفكير في التكاليف لا تفتا أن تجد أمامك بناءين شامخين بل ثلاث كل واحد منها يمكن أن يجيبك عن تساؤلات الحيرة الاقتصادية .. هذه البناءات هي مؤسسات جعلت لتنتج جحافل من خبراء الاقتصاد و هي دون شك المدرسة العليا للتجارة في تزاوج ملفت بالمدرسة العليا للتجارة الالكترونية و بناء ليس ببعيد عنها هو المعهد العالي للمحاسبة و إدارة المؤسسات ..
تعتريك الدهشة من هذا المركب ألفسيفسائي و لكن زرقة البناء البعيد ذو المربعات يغريك و تقرر أن تنزل من المترو ذو الوجه الأخضر لتشاهد عن قرب هذا البناء الضخم و في انغماسك في تأمله ما يدعوك إلى تركيب المشاهد القديمة و إعادة الصوت الطبيعي للطلبة إلى نصابه و إعادة تنشيط الذاكرة لتعلم انك أمام معهد فنون الملتيميديا .
تتجاوز المعهد المغري لكنك تصطدم ببناء شامخ قدر شموخ الاسم الذي يحمله أنت الآن أمام مدرج قرطاج الحداثة ..تبدو مباني الضفة الجنوبية للمركب زرقاء جميعها و في زرقتها الممزوجة بالبياض و الصفاء الذي لا بد للعلم أن يغلف بهما تعتريك الدهشة من بناء لا يشبهها قد يبدو أصغرها..قد يبدو أجملها ..قد يبدو أنظرها .. انه البناء الوحيد الذي لا يمكن أن تتجاوزه..فخضرة نوافذه و نقاء استقامته يقودك إلى مصافحة بهاءه و تبين جماليته الفاتنة ..الحقيقة انك الآن أمام عرش الملكة ..أنت الآن بين يدي راعية البناءات و الصروح العلمية التي أحببت و أعجبت بها.. فجأة تقرر أن تدخل البناء و حينها تبتسم القسمات كلها في وجهك و تمتد الأيادي جميعها لك و تنطق الثغور كلها في آن واحد :
"أهلا بك في جامعة منوبة" .
سمية بالرجب

1 commentaire: